الرئيسية / المقالات

المقالات

فقه النجوى بقلم المشرف أحمد مزيد بن محمد عبد الحق

لفت انتباهي وأنا أقرأ آيات النجوى في سورة المجادلة ذلك التفصيل الدقيق في أقسام النجوى وأنواعها وبيان خطر النجوى المحرمة وخطلها وأثرها في شق وحدة الجماعة المسلمة فقلت في نفسي لو أني جمعت بقية الآيات في النجوى ونظرت فيها نظرة تأمل وتحليل لاكتشفت كنوزا مذخورة في هذه الآيات تزداد بالتدبر ولا ينقضي منها العجب.
فوجدت دون كبير عناء أن الله سبحانه وتعالى يؤدب عباده المؤمنين-في الآية السابعة من سورة المجادلة-فيلفت أنظارهم قبل النجوى إلى استحضار معية الله بعلمه وقدرته لكل بر وفاجر وهي معية تخترق حجب الشهادة إلى علم الغيب
وتختم الآية بذلك الوعيد الشديد والتحذير الأكيد بأن ما يخفى ويدق من سرائر الناس في نجواهم ينكشف ويشف أمام علم الله المحيط.

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(7)
ثم نقرأ في الآية الثامنة ذلك التأنيب اللاذع لمن يرتكب ذنب التناجي بالإثم والعدوان بعد أن بلغه عن الله أنه حذر منه،وذلك الوعيد المجلجل بإصلائه النار وبئس المصير.
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8).

ثم تأتي الآية التاسعة واضعة ضوابط النجوى ومحدداتها لا فتة بأسلوب التلميح أن النجوى ليست هي الأصل وإن كانت قد ترتكب لتحقيق مقاصد شرعية مذكرة من يرتكب المحرم منها بالحشر إلى الله الجبار القادر
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9)
ثم تأتي الآية العاشرة لطمأنة المؤمنين أن نجوى المتناجين بالإثم والعدوان وإن أحكموا فيها خطط الكيد وأستفرغوا فيها أساليب المكر فإنها لن تؤثر في المؤمنين إلا حزنا عارضا تعقبه عقبى حميدة شريطة أن يعتصم المؤمنون بالله ويجعلوه وكيلهم في كل همٍّ
إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10)

وقبل أن أغادر هذه الآية لا يفوتني أن ألفت انتباهك -أخي القارئ -إلى ذلك التشابه بين هذه الآية وأية البقرة في شأن هاروت وماروت وكأن الآية توحي من طرف خفي إلى أن النجوى تحدث في النفوس أثرا يشبه أثر السحر إلا أنه لا يضر أحدا إلا بإذن الله
فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ

وإذا انتقلنا إلى آيات النجوى في سورة النساء نجدها تبطل كل نجوى لا يكون المقصد من ورائها مقصد شرعي محمود من صدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس وفي الحالات الاستثنائية التي تتطلب فيها هذه المقاصد استخدام أسلوب النجوى ترتفع النجوى عن ذلك الدرك السحيق إلى تلك القمة السامقة التي يستحق صاحبها الأجر العظيم وفي ذلك ما فيه من ترغيب وفيه ايضا ترغيم لمن يستهجن النجوى على الكبار ويظنها حطيطة من شأنهم
لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114)
ثم يلمح السياق إلى أثر النجوى المحرمة في تمزيق وحدة الجماعة المسلمة واتباع منتهجها غير سبيل المؤمنين وتهديهده بعذاب الله الدائم في الآخرة
وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115).

إيضاح المقال على معرف الأنجال في التصريف

  1. كثيرا ما يشكو طلبة علوم اللغة العربية من صعوبة مادة النحو وتعقيد مادة التصريف.

    ولئن كانت طبيعة علم الصرف تقتضي شيئا من العسر في فهم الأوزان والأبنية والتصاريف ،فإن أسلوب عرض مادته في عامة كتبه المتقدمة والمتأخرة أوعر على الشداة مسالكه وطرقه،وشتت عليهم همهم وفرقه.

    فانتدب كثير من الأساتذة والمعلمين لتبسيط هذا العلم وتقريبه للطلاب

    تارة بالبسط والإطناب وتارات بحذف بعض المباحث المعقدة والأبواب

    ومن أنفع كتب هذا العلم -على تعقيدها لفظا ومعنى- لامية الأفعال لابن مالك وما وشحها به ابن زين القناني من طرة واحمرار أخذ ما دتهما من الشرح الكبير لبحرق الحضرمي في قرابة مائتي بيت من البسيط ممزوجة بنثر شارح موضح.

    وقد تصدى لتذليل تلك الصعاب نصيحة للطلاب وابتغاء للأجر والثواب فارس الميدان وابن فارسه ومالك القدرة على ذلك وابن مالكها شيخنا محمد عبد الله بن الشيخ محمد المدرس في دار الحديث الخيرية بمكة المكرمة فنظم كل تلك الفوائد في سلك من رجز مسبوك وانتهج في ترتيبه وتقريبه طريقا غير الطريق المسلوك وسماه معرف “الأنجال مبادئ تصريف الأفعال”

    ثم مزجه بشرح مختصر مفيد ذيله بإكمالات وتنبيهات يتفطن لها من بلي بتدريس هذا العلم وعرف حاجة الشداة فيه إلى مثل ذلك سماه”الإيضاح والإكمال”

    فأورد في الباب الأول أوزان الفعل المجرد وتصاريفه ومعانيه في تسعة فصول

    الأول:في أوزان الفعل المجرد.

    الثاني: في تصاريف فعلل المجرد، ومعانيه.

    الثالث :في تصاريف فعُل بضم العين.

    الرابع:في معاني فعِلَ بكسر العين، وتصاريفه.

    الخامس:في معاني فعَلَ بفتح العين ،وتصاريفه.

    السادس:فيما يفتح به مضارع الفعل المجرد وحركته،وبيان حال الفاء بعده.

    السابع:في بناء الفعل المجرد للمجهول.

    الثامن:في بناء الأمر من الفعل المجرد.

    التاسع:في اتصال الضمائر بالأفعال المجردة.

    العاشر:في ذكر الأفعال الجامدة.

    الحادي عشر:في أمثلة المبالغة.

    الثاني عشر:في أفعل التفضيل.

    الثالث عشر:في اسم المفعول من الثلاثي.

    الرابع عشر:في مصادر مطردة في الثلاثي مطلقا.

    الخامس عشر:في أوزان مصادر الثلاثي المقيسة ،وغيرها على الإجمال.

    السادس عشر:في مصاد الثلاثي الميمية.

    السابع عشر:في بناء “مَفْعَلَة” من الثلاثي لغير ما تقدم.

    الثامن عشر:في كيفية بناء اسم ما يرمى مما لا يرغب فيه،وضده.

    الباب الثاني:في مباني الفعل المزيد فيه،ومعانيه ،وتصاريفه وفيه ثلاثة عشر فصلا:

    الأول:في بيان ما تعرف به حروف الزيادة.

    الثاني:في أبنية الرباعي المزيد فيه،ومعانيه.

    الثالث:في مباني الثلاثي المزيد فيه حرف واحد،ومعانيه.

    الرابع:في مباني الثلاثي المزيد فيه حرفان،ومعانيه.

    الخامس:في مباني الثلاثي المزيد فيه ثلاثة أحرف،ومعانيه.

    السادس:فيما يفتتح به مضارع المزيد فيه،وحركته،وحركة ما قبل آخره.

    السابع:في كيفية بناء المزيد فيه للمجهول.

    الثامن:في كيفية بناء الأمر من المزيد فيه.

    التاسع:في اتصال الضمائر بالمزيد فيه.

    العاشر:في كيفية بناء اسمي الفاعل والمفعول من المزيد فيه.

    الحادي عشر:في مباني مصادر المزيد فيه.

    الثاني عشر:في بناء اسم المصدر من المزيد فيه

    الثالث عشر:في بِنَاء اسمٍ للأرض مما كثر فيها من اسم ذات.

    وتحت كل فصل من تلك الفصول مباحث تنفرد وتتعدد وتقل وتكثر بحسب ما تقتضيه منهجية التقسيم المنهجي المتدرج.

    ولئن كانت هذه المنظومة بلغت ٣٠٠ بيت فزادت بذلك على أصلها ثلثا والثلث كثير فإن الناظم اعتذر عن ذلك في شرحه بأمور:

    الأول أن بيت البسيط أطول من بيت الرجز.

    الثاني:أنه فصل أمورا قد أجملوها وفرق بين أشياء جمعوها تقتضي المنهجية تفريقها لما في جمعها من إرباك للطالب.

    الثالث:أنه زاد فصولا لم يذكروها.

    الرابع:أن الرجز أسهل حفظا من البسيط.

    وقد أرفقت مع هذه التدوينية صورا من متن المنظومة ومن شرحها من طبعتها الأولى عام ١٤٣٥هـ-٢٠١٤م طبعة مركز إحسان المتخصص للنشر والتوزيع السعودية جدة.،